Home / Interview

مايو 30, 2024 54 0 Maria Teres Sebastian

مسائل الصحة العقلية

إذا كنت تُعاني من مرض عقلي، أو إذا كان شخص عزيز عليك يقاتل ببسالة مع مرض عقلي، فيجب عليك قراءة هذا.

لقد صادفتُ إحدى محاضرات الدكتور ماثيو بروينينغر في عام 2020، في ذروة الجائحة، عندما كنتُ أمرُّ شخصيًا بوقتٍ من الاضطرابات الشخصية العميقة. لقد أثّرت بي نظرتهُ للشفاء بعمقٍ في ذلك الوقت، لذلك عندما صادفتُ مشروع “ناون” (المعروف) (KNOWN) مؤخرًا، أثار اهتمامي بشكل غريزي. كان لمدوّنات أيزيك ويكر ومهمّته الخاصة نية وتصميم ملهمين، لذلك لم يكن هناك أي تردد في التواصل مع هاتين الروحين المذهلتين. إن أيزيك ومات هما متخصصان في الصّحة العقليّة وجدا طريقة رائعة للجمع بين إيمانهما ومهنتهما معًا، من خلال مشروعهما المعروف “ناون”. إن التعرّف عليهما كان بمثابة نعمة، هنا مقتطف من المحادثة المفيدة التي أجريتها معهما. لدى كليهما قصته الخاصة في العثور على الله وفقدان الاتصال به، لكن في جوهر الأمر، تختصُّ رحلتهما في طرح الأسئلة، البحث عن الحقيقة، والوصول إلى قلب الآب المُحبّ.

إن التعرّف عليهما كان بمثابة نعمة، هنا مقتطف من المحادثة المفيدة التي أجريتها معهما.

إذًا كليكما قد نشر معاناته. من خلال خبرتكما وممارستكما المهنيّة، هل تظننان أنه صحيح فكرة أن وجود مشكلة تتعلق بالصحة العقلية يعني عدم كونك جيدًا بما يكفي في الإيمان؟

أيزيك: قد سمعتُ ذلك من الكثير من الأشخاص، حتى أنني تصارعتُ مع ذلك بنفسي. ليس لدي إجابة جيّدة جدًا لهذا، لكنني أعتقد أن السؤال الأساسي لا يتعلق بـ “الإيمان أو عدم الإيمان”. عوضًا عن ذلك، فإن التحول في المنظور قد يساعدنا جميعا في الواقع.

الحقيقة هي أننا جميعًا مكسورون، مكسورون حقًا. يمنحنا الإيمان مكانًا يمكننا أن نقول فيه هذا بصوت عالٍ وبكل حرية: “أنا مكسور. أحتاج إلى أن أكون مدعومًا ومحبوبًا. أريد أن أبدأ من جديد.” إننا بحاجة إلى أن يُنظر إلينا في جميع انكساراتنا وفوضويتنا، ونُريد أن نكون محبوبين هناك. إن فكرة أن انكساري يظهر أنني لست قويًا بما يكفي في إيماني هي فكرة مضللة للغاية.

بصراحة، إيماني ليس جيدًا بما فيه الكفاية، لكن لا بأس. سأستمر في الذهاب إلى الله بإيماني غير الكافي، وقلقي، وانكساري… وكل تلك الفوضى. يجب أن يكون إيماني أقوى، ولكن ماذا لو كانت الطريقة التي أصلي بها – التواصل مع الله – هي الاعتناء بنفسي بطريقة جديدة وأفضل، من خلال ممارسة المهارات التي ستساعدني في تحقيق ذلك؟

مات: أن تقول لشخص ما: “كن أكثر إيمانًا” هو خطأ في فهم ماهيّة الإيمان لأننا لا نمنح أنفسنا الإيمان. الإيمان هو هديّة من الأعلى. إنه من السهل قول: “فقط صدّق أنك محبوب من الله” ولكن عندما تكبر، إذا مررت بتجربة متكررة مثل عدم تلبية والديك لاحتياجاتك، هذا الشعور بانعدام القيمة يصبح مرتبطًا بعلم الأحياء العصبي لديك. لذا، فالإجابة العشوائية “مرحبًا، أنت ذو قيمة” ليست كافية.

الجميل في الله أنه لا يطلب منا التخلّص من مشاعرنا. يقول: ” احمل صليبك واتبعني.” لذا أحيانًا، مرضي العقلي هو صليبي، وأتبعه في حزني. سنشعر بسلسلة من المشاعر الإنسانية، وسنشعر بالتعثر في بعض الأحيان. ولكن عندما نقول فقط: “يا الله، أنا قلق. لم أفعل ذلك من قبل.” أعتقد أن الله الآب يقول: “بالطبع أنت كذلك”.

عندما كنتُ أُعلّم ابنتي الصغيرة قيادة الدّراجة، كانت تقول: “أبي، أنا خائفة.” كنتُ أقول لها: ” طبعًا أنت كذلك، يا حبيبتي. أنت لم تقودي دراجة من قبل. ستقعين وستنجرحين. لكن أنا هنا. أشعرُ بالخوف. سوف تتعلم ألا تخاف من خلال القيام بذلك.” أنا لا أوبخها بقول: “ألا تثقين بي؟” يعاملنا الله بالطريقة نفسها، إنه رحيم بلا حدود.

هل من الصعب إدخال إيمانك الكاثوليكي في الممارسة النفسية؟ في أكثر الأحيان، يبدو أن كلا المجالين لا يختلطان جيدًا …

أيزيك: أظن إنه من المُجدي حقًا أن يجتمع الإيمان وعلم النفس معًا. إن الإيمان الكاثوليكي جيّد جدًا في إعطائنا فكرة واضحة عن هويتنا- نحن مخلوقون من الله ومن أجل الله. أعتقدُ أن هذا جزء كبير من هوية الشخص، شخص يتمتع بكرامة لا حدود لها.

تتمثل مهمة المُعالج في كثير من الأحيان في البحث عن تلك الكرامة اللامتناهية بداخلك، ومن ثم عكسها لك مرة أخرى. هذا ما أفعله مع العملاء الذين ليسوا من الإيمان. كوني قادرًا على اختبار محبة الله لي، واختبار بحثه عن كرامتي وإظهارها لي، يُصبح هذا هو الطريق الذي أتبعهُ أيضًا مع أولئك الذين يأتون إليّ. ومن خلال تلك الرّحمة والحُب والارتباط يمكننا جميعًا أن ندعو إلى شيء أعظم. إن إيماني هو أساس الأمل والفداء والتجديد لدرجة أنني لا أستطيع أن أتخيل ممارسة صحية بدونه.

مات: الحقيقة الصادقة هي أن علم النفس يمكن أن يكون معادي للإيمان ومبادئه، ولكن في ضوء ممارساتي، يبدو لي أن لا أحد منا يرفض الله. إننا نرفض الأشخاص الذين اضطهدوا، تنمّروا، وقللوا من قيمتنا؛ إننا أيضًا نرفض أفكار الله المُشوِهة التي نتلقّاها، ولكننا حقًا لا نرفض الله. لذا فإن هدفي من العلاج هو المساعدة في إزالة العناصر البشرية والطبيعية التي تمنعنا من رؤية الله كما يريد أن يعلن عن نفسه لنا.

أرى عملي أنه يدا، عينا، ورجلا المسيح، لذا شيء واحد أحاول أن أقوم به هو أن أجلس مع الناس كما يفعل الله – أن أكون ناطقًا بلسان الحال، ومرئيًا… كيف سيستجيب المسيح إذا أخبرته شيء صعب، مؤلم، مخزي، أو غير أخلاقي؟

أستطيع أن أشعر بتعاطف عميق تجاهك، وأن أنقل لك حقيقة أساسية عميقة حول هويتك وكيف يراك الله، دون استخدام كلمة “الله”. أليس من المرجح أن نتأثر ونتشكل بالكلمات عندما يكون هناك علاقة عميقة من الثقة والحب والأمن؟ وعندما نشعر بذلك، نستمع بالفعل بقلوبٍ مفتوحة. لذا، وعلى النقيض من كونه تحديًا، فإن إيماني يعلمني ويساعدني في ممارستي بطرق عميقة.

كان لديّ عميل قام بإخْصَاب في المُخْتَبَر، وكان يخشى أن أرفض ذلك باعتباري كاثوليكيًا. عند هذه النقطة، كنا قد مررنا ببعض الأماكن العميقة والضعيفة وأخبرته أنني أحبُّ أن أحمل طفله وحتى أقبله. لا أعتقد أن الاخْصَاب في المُخْتَبَر هو أمر جيد أخلاقيًا، ولكن في الوقت نفسه، أستطيع أن أحبهُ وأكون سعيدًا من أجله. أستطيع أن أحمل هذين الأمرين. أعتقد أن هذا التعبير غالبًا ما يكون شفاءً لنا جميعًا.

لذا، فإن “ناون” هي محاولة للجمع بين هذين المجالين معًا في انسجام. هل يمكنك شرح المشروع باختصار؟

مات: بالنسبة للكثيرين منا، من الصعب حقًا أن نفهم أو نتخيل إلهًا يمكنه أن يحبنا عندما نرتكب الأخطاء، لأنه في كل مرة نرتكب فيها خطأً، يخبروننا آباؤنا عن خيبة الأمل والإحراج والعار. غالبًا ما يقولون لنا: “سأكون دافئًا وحنونًا مرة أخرى، بمجرد أن تتغير”. أعتقد إنه من الصعب جدًا، أن تنقل الحب، حتى في خضم تصحيح طفلك، أن تقول: “أنا أحبك وأريدك، وأريد أن أبقى على اتصال بك على الرغم من أن ما فعلته كان خطأً “.

“ناون”، العنوان، قوي جدًا بالنسبة لي لأنه ينقل هذه الرغبة العميقة للقلب البشري – أن يكون “معروفًا” وألا تخاف من أنك إذا رأيتني، فسوف تتركني. أعتقد أن هذا هو جوهر المشروع بأكمله – قلب الآب يعرفنا جميعًا، ويحتضننا، ويجذبنا إليه. فهو ينظر إلى عيوبنا وأخطائنا، ويُدرك هذا الجمال الداخلي. نحن جميعًا نريدُ ذلك، أليس كذلك؟ هذا الشعور أن تكون معروفًا وما زلت محبوبًا. “ناون” يحاول أن يخبرك أنك تمتلكه بالفعل — في الآب.

أيزيك: “ناون” هو برنامج مُدته ١٢ أسبوعًا للشفاء العميق لأماكن الهوية – إعادة تعلم هوية الآب كمحبة، ومن خلال محبته، وإعادة تعلم هويتنا الفردية كابن محبوب أو ابنة محبوبة. ندخل إلى أماكن التي تتمركز فيها الجراحات العميقة حيثُ تكون التشوهات في هويتنا هي الأقوى ونسمح لنور الآب ومحبته بالدخول إلى تلك الأماكن. ثمّ، نُبحِرُ أكثر إلى مكان مليء بالحريّة، النور، الطفولة، والمرح.

الجزء الأهم من هذه الرّحلة هو أن تتعلّم أن تكون صادقًا حقًا عمّا يقوله قلبك عن الله. من خلال تنحية لاهوتنا جانبًا قليلاً، وجعل قلوبنا تتكلّم: “إنني أشعر في الواقع بهذه الطريقة، يا أبي. إنني حقًا أشعرُ بعدم الأمان، وصغير، ومنبوذ، وأنت في الواقع تبدو قاسيًا، وبعيدًا، ومسيطرًا. أن نتحدث بالفعل عن هذه الأشياء، ثم نتبع هذه المشاعر وصولاً إلى ما يجعلنا مشككين أو غير آمنين تجاه الآب ونشفي آلام الماضي. تدور الرحلة بأكملها حول السماح للآب، من خلال الصدق، أن يُظهر لنا شيئًا جديدًا.

نقوم بذلك كمجموعة. لدى كلّ شخص رحلتهُ الخاصّة، ونحاول تسهيل سير العمليّة. لسنا مسؤولون عن الشفاء؛ يحصل الشفاء بين كل مُشارك على حدة والله الآب.

سمعتُ الكثيرين يقولون أن المرض العقلي يجعلُ الصلاة صعبة للغاية. كيف يمكن للمرء أن يتخطى تلك العقبة؟

أيزيك: في “ناون” ندعوكم لصلاة “صادقة”. ثلاثُ ليلٍ في الأسبوع، لدينا روتين حياة الصّمت – من خلال إطفاء كلّ وسائل التكنولوجيا من السابعة مساءً حتّى السابعة صباحًا، ومن ثمّ إطفاء كل أضواء كهربائيّة وإشعال الشموع عند التاسعة مساءً. ندعوك، في هذا الصّمت، أن تكون صادقًا حقًا.

كل ما نطلبهُ منك هو فقط أن تُبسّط حتّى لُغتك مع الله. ماذا يشعرُ قلبكَ بصدق؟ “يا أبانا، أنا خائف. أنا متحمّس. أنا متوتّر. أنا قلق. أنا مجروح.” إن مجرد إخباره بهذه الأشياء بدلاً من محاولة إدانة أجزاء من نفسك لأنك لست “قديسًا” بما يكفي، هذا يساعد حقًا.

إنها ليست صلاة فرضيّة؛ إنها الوصول إلى صرخة القلب وتوجيهها نحو الآب. دع الآب يسمع تلك الصرخة في كثير من الأحيان، عندما يشعر الناس بأنهم عالقون، أطلب منهم قضاء الأسبوع التالي لإخبار الله عن مدى غضبهم. إن محاولة الحصول على تقوى ومديح مقدس لله، في حين أن قلوبنا في الواقع غاضبة للغاية، لن

تنجح. هذه هي الطريقة التي ندعو بها الناس للصلاة – في صرخة القلب البسيطة هذه.
مات: هذا ما يكون الآب – والدٌ. كوالد، أريدُ أن أعرف متى يكون أطفالي غاضبين، أو حزينين، أو قلقين، حتى عندما يكونون غاضبين منّي. عندما تريد ابنتي شيئًا وأقول لها لا، تدوس بقدمها وتقول: “أبي، أنا غاضبة منك”. لكن غضب ابنتي لا يخيفني ولا يؤذيني. أشعر بالسوء تجاهها، وهذا يثير تعاطفي، لكنه لا يغضبني.

الله كامل! غضبي لا يَخلُّ كماله. عندما أقول: “اللّهم إني غاضبٌ منكَ”، فإن ذلك يجذبُ عطفه مثل الأب الصالح. بما أن الله ليس لديه غرور مثل بعض الآباء، فهذه هي الصلاة التي ندعوك إليها – أن تكون منفتحًا بصدق على الله.

————————————————————-

هل تعاني من مشكلة تتعلق بالصحة العقلية؟ فيما يلي بعض النصائح من مات وأيزيك.

١. أحضر قلبك إلى الآب

عندما تكافح من أجل الصلاة، شارك بحريّة قلقك وخوفك وإحباطك وارتباكك مع الآب. أَدخل الصّدق في علاقتك مع الله ودعه يرى قلبك ويعرفه كما هو. لا تمنعوا عنه شيئاً.

٢. ابحث عن صور مريحة من الكتاب المقدس تسمح لك بالشعور بأنك منظور ومعروف

ابحث عن شيء لتثبّت نفسك عليه – ربما سطر على ورقة، أو آية من الإنجيل، صورة خيالية لك مع يسوع أو الآب…ابحث عنه، وخاصة في أوقات الاضطراب العميق، عُد إلى مساحة الصفاء تلك وتمسّك بها كثيرًا.

٣. ابحث (واعرض) الزمالة

نحنُ مخلوقون على صورة الله الذي هو مجموعة من أشخاص. لا أحد منا يستطيع أن يفعل هذا بمفرده. عندما أعاني، هناك مجموعة من الرجال ألجأ إليهم، والذين غالبًا ما يساعدني إيمانهم وحبهم. هذا يقعني بأنني لستُ وحدي. نحن بحاجة إلى أشخاص ينظرون إلينا ويحبوننا عندما لا نستطيع أن نحب أنفسنا.
إنه من المهمّ أن يكون لدينا شخص واحد على الأقل نستطيع أن نخبره تقريبًا كل شي؛ الأجزاء المخزية، الأجزاء المربكة، ليس لإعطائك نصيحة جيدة أو لمحاولة إصلاحك، ولكن للبقاء معك بينما تكون ضعيفًا، ويتشفع لك، ويؤمن بك حتى تتمكن من إعادة اكتشاف قيمتك الحقيقية.

٤. اسمح للآخرين أن يساعدوك في حمل صليبك (يسوع قد فعل ذلك!)

كثير من الأشخاص الذين أتحدث إليهم يشعرون بالقلق حقًا من كونهم عبئًا على الآخرين. نحن خائفون جدًا، خاصةً في هذه الأيام، من تحميل الآخرين عواطفنا أو احتياجاتنا. لكن لا بأس أن تحتاج إلى المساعدة. لا بأس أن تكون عبئاً. هذا هو المكان الذي تنبض فيه الكنيسة بالحياة، عندما نبدأ جميعًا بالسير معًا.

أبانا العزيز، في قلبك، أودع حياتي المكسورة… مكنّي من العثور على طريق العودة إليك واسمح لي أن أشعر بحضنك الدائم.

Maria Teres Sebastian

Maria Teres Sebastian is a passionate young writer who aspires to spend her time and skills for the glory of God. She lives in Kerala, India.

Share: