Home/جذب/Article

أغسطس 29, 2019 1917 0 Carissa Douglas, Canada
جذب

مغفرة ما لا يغتفر

هل هناك فعل “لا يغتفر”؟

ما زلنا نعيش في زمن القيامة ونحتفل بالرّجاء والمغفرة والمصالحة ، التي حصلنا عليها من خلال موت المسيح وقيامته. لقد علقت في ذهني القصص التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل زمن الصوم الكبير هذا العام.

من الهجوم الظالم على مدرسة كوفينجتون الثانوية للبنين ، إلى القصّة الكندية الحزينة التي انتهت باكتشاف فتاة تبلغ من العمر أحد عشر عامًا ميتة بعيدًا عن بيتها.

لا يمكنني أن أشرح مقدار الكراهية والبشاعة التي ظهرت حتى من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم بالمبدأ “مسيحيين صالحين”. وجّهت اتهامات وصدرت تصريحات بأنّ بعض التّدابير التي أخذت “لا تغتفر”! لقد شعرت بالإحباط من التصرفات المهينة ، وتساءلت، كيف يمكننا أن نكون حاملين حبّ المسيح ونكون مبتذلين وقساة بعضنا مع بعض لهذه الدرجة ؟ ماذا حدث لـ “أحبّ أعداءك وصلِّ من أجل مضطهديك”؟ متى( 5:45).

في أحضان المسيح

لقد صدمت سيّارة أختي الصغيرة البالغة من العمر أربع سنوات، وهي تنتظر باص المدرسة . احتارت في ذلك الوقت ماذا تفعل عندما رأت الباص  يتوقف إلى جانب الطريق، وكان سائق الباص يحاول تسهيل حركة المرور. ظنت أختي آنذاك أنّه من الآمن العبور. لم يلاحظ سائق السيّارة  القادمة أختي تعبر، فصدمها. ثم نقلها السائق إلى مستشفى الأطفال، وما لبثت أن توفّيت بين يدي والدتي. لقد اندهشتُ ممّا فعلته أمي في ذلك الحين،  ولا أزال أتذكره . وضعت أختي بين يديها وهزّت لها وراحت تنشد للربّ قبل أن سلّمتها إلى أحضان المسيح.

لا أزال أفتقد أختي كثيرا. كان موتها حدثًا غيّر حياتنا إلى الأبد. لكنّ ذلك ساعدني أكثر في التّركيز على السماء ، لأنّها أصبحت تحتضن الآن شخصًا عزيزًا جدًّا بالنسبة اليّ ، وغيّرت وجهة نظري. لم أعد أرى الحياة بالطريقة نفسها ، وفهمت الآن أكثر كم هي هشّة ولا يمكن التنبؤ بها. لكنّ الحدث الذي ترك بصمة جميلة من الإيمان والمحبة ، تجسد في تلك الثقة والاستسلام الكلي الذي أظهرته والدتي عندما توفيت أختي.

ألم مبرح

مثل واحد على وجه التحديد يمكنه مواجهة فظاعة الذي تحدّثت عنه أعلاه. تلك اللحظة التي قابلت فيها أمي الرّجل الذي صدم أختي من غير قصد: شيء اعتبره الكثيرون عملاً “لا يغتفر”.

وصل سائق السيارة الذي صدم أختي إلى مبنى المحكمة بوقت قصيرعلى بدء المحاكمة. تستطيع أن ترى الألم الموجع من النّدم الذي حمله ، لأنّه أبقى رأسه في حيرة. لا أستطيع حتى أن أتخيّل عظمة المشاعر الّتي ملأت كيانه بالكامل ، طوال المحاكمة. كيف يجب أن يكون قد كافح في التفكير في النظر في عيون والدي الطفل الذي تمّ قتل حياته.

تمامًا مثلما ركض الأب للقاء الابن الضال عندما رآه قادما نحوه ، سعت والدتي للقاء الرّجل. لقد اسرعت إليه ولفّت ذراعيها من حوله وعانقته بإحكام ،هامسة ، “كل شيء على ما يرام”. انهار الرجل وراح  يبكي عندما أخبرته  أمّي أنها ليست غاضبة منه. الشيء الوحيد الذي حملته في قلبها هو الحبّ والمسامحة. أخبرته أن أختي لا تريده أن يعيش الألم والشّعور بالذنب. ولكنّها تتمنّى له حياة من الفرح والأمل.

كما حرصت والدتي على تقديم حبها وغفرانها لسائق الباص الذي كان يتعذّب  بشكل واضح.

شيء جميل لله

أخبرتُ والدتي مؤخّرًا كم أثر تصرّفها عليّ ، بخاصةً في ضوء التعليقات والتّفاعلات الكثيرة التي أراها  وأسمعها على وسائل التواصل الاجتماعي من الأصدقاء والمعارف الذين لا يتوقفون عن مهاجمة بعضهم البعض.

قالت إنّ التّواصل كان هديّة  بالنسبة إليها أيضًا . وقد ساعدها في الشّفاء وحرّرها من عبء الغضب والاستياء. تركها على أمل أنّ الله كان يفعل شيئًا جميلًا من خلال المأساة.

وتقول إنها لا تزال تصلّي للسائق حتى يومنا هذا ، وهي تعرف أنّ الله يعمل بشكل كبير في حياته، على الرّغم من ألأذيّة التي لحقت به من جرّاء الحادث.

هل لديك تأثيرعلى وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل أنت شخص يختار النهج الذي تحدّده الصداقة ، وهو موقف يؤكّد على الكرامة المتأصّلة في الآخر؟ إذا كان لابدّ من اللّوم ، فهل تفعل ذلك بطريقة لا تزال تتحدث عن هويّتك كمسيحي مستثمر حقًا في صالح الآخر؟ هل أنت شخص يمكنه أن يغفر الذي لا يغتفر؟

آمل أن أكون. أريد ان اكون.

إن عالمنا بحاجة ماسة إلى النّور والحبّ والأمل والرحمة: لا للاغتيال الرّخيص لكرامة الأشخاص الذين نختلف معهم  في الرأي أو الذين لا يمكننا أن نتغاضى عن أفعالهم.

إلهي الحبيب ، ساعدنا على مسامحة كلّ من أضرّ بنا ، عن علم أو بغيرعلم. وبدل الضّغينة ، املأ قلوبنا بالمحبّة والتّسامح حتى تكون صلواتنا من أجلهم نعمة لحياتهم. آمين.

© كاريسا دوغلس مؤلفة ومصورة  لسلسلة كتب الأطفال الكاثوليك:. تأكد من التحقق من موقعها Little Douglings

Share:

Carissa Douglas

Carissa Douglas is the author and illustrator of the Catholic children’s book series “Little Douglings,” which promotes the sacraments and the culture of life. She is the mother of 14 children. Be sure to check out her site at littledouglings.com where she blogs about her adventurous life with her big Catholic family and shares the humor and joy in her comic series: Holy HappyMess.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles