Home/جذب/Article

أبريل 03, 2019 2485 0 James S. Anderson
جذب

حقاً كل ذلك يتلخص في المحبة אהחא

ان الحياة قاسية، وغالبا ًما نجد أنفسنا في مواقف صعبة. عندما تغمرنا أو تحيرنا طريقة التعامل مع قضية محددة، أحيانا ما نحتاج إلى خارطة طريق. وبالنسبة للمسيحيين، يقدم الكتاب المقدس والتعليم الموجود في “التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية” هذه الخرائط. إلا أن كلاهما يمكن أن يكونا صعب. فضيق الوقت إلى جانب تعقيدهما وحجميهما الكبيرين يمكن أن يعيق معظمنا عن استخدام هذه الكنوز. يحتاج معظمنا إلى شروحات للتنقل بينهما. خاصة عندما يكون الوقت عامل جوهري ويجب أن تأخذ قراراً سريعاً. غالباً ما تكون قضايانا حديثة؛ مثل تلك التي تنتج عن التكنولوجيا؛ وبالتالي نحن لا نحصل دائماً على اجابات قاطعة. فيجب أن نستنتج مثل هذه الإجابات، وهي مهمة صعبة، وتتطلب في كثير من الأحيان بعض التدريب في هذه المصادر أو في هذه الكتب. وفي كثير من الأحيان يجب أن تنتظر إجابات الأسئلة حتى تناقشها السلطات التعليمية آخذة وقتاً كبيراً بدون تقديم إجابات محددة. والخبر السار أن يسوع يقدم لنا علامة أو معيار نستطيع به أن نأخذ جميع قراراتنا وأن نحكم به على أي فعل.

فأثناء خدمة يسوع سُئل عن ما هي الوصية العظمى في الناموس (مرقس 28:12-34، متى34:22-46، لوقا 25:10-37). وأتت بعده اليهودية الحاخامية لتوضح ما مجموعه 613 وصية في التوراة أو ناموس موسى. يُثبت رد يسوع أنه المعلم الأعظم، وفي الوقت ذاته يقدم لنا مؤشراً نستطيع به أن نحكم على كل الأفعال والقرارات، فهي خارطة الطريق الخاصة بنا والتي تلخص جوهر التوراة. اجاب يسوع على هذا السؤال باقتباس ما يمكن أن يكون أشهر نص بالنسبة لليهود في القرن الأول، وحتى الآن، ثم يضيف إليه نصاً أقل شهرة في التوراة وهو يجمعهما بطريقة تفترض سلطانه وألوهيته مسبقاً.

يبدأ رده على هذا السؤال باقتباسه “شيما Shema” (مقطع ثلاثي من التوراه اليهودية وتعتبر جزءاً أساسياً من الصلاة اليهودية الصباحية والمسائية) تثنية 4:6-5 في مرقس 29:12 (والذي يتفق علماء الكتاب المقدس جميعاً بأنه أول أنجيل تمت كتابته بين الأناجيل الأربعة) حيث يقول أن يسوع أجاب هكذا “إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.” ثم يستمر يسوع باقتباس بقية الشيما “وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ،” (تثنية 5:6، مرقس 30:12) ويوضح يسوع أن هذه الوصية هي الأعظم والأكثر أهمية (مرقس 28:12، متى 40:22) “الشيما”، والتي تعني بالعبرية “اسمع!”، هي إشارة إلى الكلمة العبرية الأولى في هذا المقطع، وتأمر إسرائيل أن يسمع. فقد كانت، ولا تزال حتى يومنا هذا، إعلان إيمان التوحيد الكلاسيكي عند اليهود.

ثم يستمر يسوع ليوضح أن هناك وصية أخرى، ويقتبس لاويين 18:19″لاَ تَنْتَقِمْ وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ.” يقول متى 39:22-40 “وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ”. ويضيف مرقس 31:12 توضيح يسوع “لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ”.  

وفي تلخيص الناموس كله وصولاً إلى جوهره يبرز لنا، وهو مناسب لقصدنا، أن يسوع يشير إلى شيء واحد بارز ألا وهو “المحبة”. فكلا النصين عن التوراة يستخدم الجذر العبري “أهافا ahavah “. وليست مصادفة أن يشير يسوع إلى هذا المبدأ، ففي نهاية الأمر، يقول العهد الجديد صراحة أن “الله محبة” (1يوحنا 8:4). فالمحبة تتمم الناموس أو هي جوهر الناموس، والله محبة. والكثيرين، مثل الفرير الفرنسيسكاني والمتصوف الحديث “ريتشارد روهر” في كتابه الأخير: “الرقصة الإلهية، الثالوث وتغيير هيئتك” “The Divine Dance: The Trinity and Your Transformation”، يقترح أن لغة الله هي المحبة وأن الثالوث يوجد في المحبة. وهكذا ففي النهاية، المحبة هي محور الأمر كله: محبة الله والإنسانية هي بالتحديد ما يوضحه يسوع أنه الأكثر أهمية. هل يوجد سلطان أعظم من يسوع بالنسبة للمسيحيين؟. ويتفق هذا مع ما كتبه الرسول بولس، رسول الأمم، في غلاطية 14:5 “لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ:«تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ».” (رومية 9:13، يعقوب 8:2) كما توضح 1بطرس  8:4 “وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا.”

المحبة أوahavah  هي جوهر المسيحية. “أهافا” هي طبيعة الله نفسه (1يوحنا 8:4) وهي ليست مبالغة أن نفترض أن المحبة هي ما تربطنا جميعاً معاً. متصوف حديث آخر للإيمان، الراهب البندكتيني الراحل “بيديه غريفث” في كتابه “الخيط الذهبي”، قال ببلاغة: “أن المحبة يمكن أن تعطينا نوعاً من المعرفة هي أبعد من الإيمان والمنطق. فالسر الإلهي هو في النهاية سر المحبة…”.

أيضاً، يقدم لنا تعليم يسوع عن “أهافا” إطاراً نستطيع به أن نحكم على كل الأفعال، والقرارات؛ إطاراً من المحبة. يجب أن تسأل دائماً “هل تُظهر أفعالي أو قراراتي محبة لله أو للقريب؟” من الممكن أن تتساءل ما معنى أن تحب الله من كل قلبك، نفسك وفكرك؟ بالنسبة للمبتدئين: قضاء وقت مع الله والإمتناع عما يفصلنا عنه هو أحد الطرق التي تظهر محبتنا لله. ربما تسأل أيضاً كيف أحب قريبي كنفسي؟ الأمر الأول والمهم هو أن تطلب الخير للآخر حتى وإن كان على حساب نفسك.

يذكرنا القديس يوحنا بولس الثاني أن الحياة الحقيقية تتضمن التخلي عنها. كتب توماس ميرتون: “المحبة النقية المضحية لا تحيا على ما تحصل عليه؛ بل تحيا على ما تعطيه. فهي تزيد بأن تسكب نفسها للآخرين، تنمو بأن تضحي بنفسها وتقوى بأن تتخلى تماماً عن نفسها” هذا تناقض وبديهية. كما هو الحال مع تعاليم يسوع والإنجيل، فإنه يقلب مفاهيمنا رأساً على عقب. ومع ذلك ففي بذل الذات، الموت عن الذات، نحن نجد الحياة والحرية الحقيقية. هذا الموت عن الذات وتخليص أنفسنا من الأنا أو الذات المزيفة هو ما يعني أن نكون في المسيح. غلاطية20:2 “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي”

ربما تتساءل: كيف أطبق “أهافا” في الواقع؟ وربما تتساءل هل يجب أن أغفر للشخص الذي صنع معي أموراً بشعة، الذي آذاني حقاً أو آذى أحبائي وتسبب لي في الكثير من المعاناة؟ بحسب هذا المبدأ “أهافا” للرب وللآخر، “نعم!” هي الإجابة التي لا لبس فيها. لأن محبة القريب يتبعها الغفران له. فلن يكون هناك محبة بدون غفران، بل أذية لك وربما أيضاً للقريب. ويتوافق هذا مع تعاليم يسوع في مكان آخر في خدمته. بالتحديد، هو أمراً إلزاميا لسعادتنا الأبدية أن نغفر بعضنا لبعض (متى 15:6، متى 35:18). وستجد أن مبدأ تعليم يسوع عن المحبة يتماشى مع كل الكتاب المقدس ويعود بالخير والسعادة لنا وللآخرين. الأصل الإلهي للمحبة يلخِّص الناموس في تعليم سهل وسريع. يمكن أن يتذكره العقل بسهولة وبهذا يكون بمثابة علامة مفيدة.

مثال آخر: افترض معي أحد الآباء يحاول أن يقرر كم من الوقت يجب أن يسمح لابنه أن يستخدم الآيباد في اليوم. لأسباب واضحة؛ يصمت كلا من الكتاب المقدس والتعاليم المسيحية في هذه المعضلة الحديثة. ولكن من أجل نمو الطفل وسعادته من المهم للأب أن يقرر. تلخيص يسوع للناموس وإشارته إلى محبة الله والقريب بالفعل يقدم لنا المفتاح. ففي هذه القضية يمكن أن تسأل وتتأمل في كيفية محبتك للقريب – ابنك، في هذا المثال ستفكر في كيفية إظهار المحبة لابنك وليس فيما هو مناسب لك أكثر؟ يمكن أن تظهر محبتك لطفلك في ان تسمح له باستخدام الآيباد لوقت قليل فقط خلال اليوم، وبهذه الطريقة سيتعلم طفلك أن ينمي عادات أخرى مثل القراءة، خلق الصداقات أو اللعب في الخارج بين أحضان الطبيعة.

“لتكون المحبة حقيقية يجب أن يكون لها تكلفة – يجب أن تفرغنا من ذواتنا” سانت تريزا من كلكتا

 

تختلف كل حالة عن الأخرى والصلاة دائماً مهمة؛ ولكن تلخيص يسوع للناموس يقدم لنا المفتاح للحكم على جميع القرارات والأفعال. فهو الإطار الذي يساعدنا أن نطلب محبة الله والقريب وليس محبة النفس. وبينما تقابلنا قضايا الحياة اليومية نستطيع أن نلجأ بسرعة إلى هذا المبدأ؛ فنسأل أنفسنا: ما الذي سيُظهر محبة الله أو القريب بصورة أكبر؟ في هذه الأمثلة وفي قضايا أخرى عندما نستطيع أن نظهر محبة للقريب فعادة ما يتبعها دائما حضور محبة الله والعكس صحيح.

يكتب الرسول بولس في غلاطية 14:5 “لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ:«تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ»” يشير يسوع إلى هذا المبدأ على أنه جوهر تبعية الله. فالمحبة هي جوهر حياتنا لأنها جوهر الله. لذلك يجب أن تكون هي خارطة الطريق لنا في كل الأمور. ومن الملائم أن نختم بنص يجب أن نحفظه عن المحبة ويجب أن نبدأ في تطبيقه. عندما جاء ليسوع السؤال عن ما هي أعظم وصية في الناموس أجاب وقال: “إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ” (مرقس 29:12-31)

حقاً كل ذلك يتلخص في “أهافا”

 

 

 

Share:

James S. Anderson

James S. Anderson es consejero profesional titulado, y trabaja actualmente en Texas como profesor asociado de varias universidades en el área de San Antonio. Cuenta con un doctorado en Estudios bíblicos/Biblia hebrea de la Universidad de Sheffield en Inglaterra, y una maestría en Divinidad del Seminario Teológico Presbiteriano de Austin. Tiene maestría en Consejería de Salud Mental de Texas A&M-San Antonio y una licenciatura en Psicología de la Universidad Metodista del Sur. Estudió en Israel y Alemania, ha impartido cursos y conferencias en Irlanda, Portugal e Inglaterra, y ha viajado ampliamente por el Medio Oriente, India y Europa. James ha trabajado con los que han querido implementar la espiritualidad en el proceso terapéutico, obteniendo grandes beneficios con los que luchan contra la tristeza, los traumas y la depresión. Actualmente atiende a personas de todas las edades con diversas problemáticas. Toma muy en serio la creencia de que Dios es la principal fuente de sanación y bienestar, y por ello busca trabajar de forma asociada con clientes fomentando la autonomía, la capacitación, el bienestar y la curación. Independientemente de los asuntos, James trabaja desde la perspectiva de que nuestros pensamientos juegan un papel mucho más importante en nuestra vida de lo que creemos, afirmando que el cambio siempre es posible y que nunca es tarde. Su interés en la investigación incluye la implementación de la espiritualidad en el proceso terapéutico, las religiones de Israel y el reino de Judá en la Edad de Hierro, el monoteísmo y el desarrollo de la religión en el territorio Yehud durante el período persa. Otras de sus publicaciones incluyen artículos sobre la antigua religión israelita, y la reciente monografía intitulada “Monotheism and Yahweh’s Appropriation of Ball” (El monoteísmo y Yaveh apropiándose de Ball) (Nueva York: Bloomsbury T&TClark, 2015).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles