Home/يواجه .. ينجز/Article

ديسمبر 11, 2021 322 0 Sarah Juszczak
يواجه .. ينجز

كيف يمكنني أن أحب حقاً؟

هل الغضب أو الضغينة هما السبيلين الوحيدين لمعالجة الخيانة في حياتك؟ ساره جوتشاك تكشف عن درب “أقل عبورا””، من خلال قصتها عن الألم والانتصار.

لقاء ظريف

ولدت في عائلة إيطالية محبوبة. نشأت وترعرعت كاثوليكية، لكني في عمر المراهقة، بالرغم من أنني كنت احضر القداديس كل أيام الآحاد، لم أكن أعيش الإيمان الحقيقي.

عندما بلغت سن السادس عشر، انضممت إلى جمعية الشبيبة حيث تعرفت على توماز. طُلب مني وتوم قيادة نشاط عطلة الأسبوع للشبيبة، امضينا وقتا” طويلا” معًا لمحاولة تنظيمها. بعد فترة قصيرة، بدأنا “التعارف على بعض”. لم نكن متحمسين على إعطاء تسمية لعلاقتنا – إذ لم يكن هناك نية في هذه العلاقة.

لم يتقبّل توم اني كنت جداً متمردة في سنوات صباي. كونه بولنديًا، كان إيمانه الكاثوليكي مهمّاً له، وكان يعيش قيم تقليدية كثيرة. لكن كلانا لم يكن يعرف أو يعيش الإيمان الحقيقي- لأنه لم يكن يفهم حقاً الأسباب الكاملة وراء قيمه، سهلت علي إقناعه بوجه آخر. وكان اتجاه هذه العلاقة غير واضح، رغم عدم سلامتها، و كنا نحرص على بعضنا بعض.

ضباب على الزجاج

بعد ما يقارب الثلاث سنوات معاً، فكّرنا بالزواج. وكان توم قد أنهى دراسته الجامعية وهو يحلم دائمًا بأن يمضي بضعة أشهر في أوروبا قبل الحصول على وظيفة ثابتة. كنت غير أكيدة من صوابية هذه الفكرة، لكنني شعرت بأهميتها. ولعل فترة البعد تساعدنا على تقوية علاقتنا أو انهائها.

قبل فترة قصيرة من مغادرة توم إلى أوروبا، شاركنا في يوم الشباب العالمي ٢٠٠٨ في سيدني مع جمعيّة الشبيبة التي ننتمي اليها. وفي تلك المرحلة، شعرت بحاجة لتغيير اتجاه إيماني .

لم أستطع الاستمرار فيما كان ذلك فعلاً “إلحادًا عمليًا”. ذهبت إلى يوم الشبيبة العالمي وسؤال يسود على ذهني: “يا رب، إن كنت موجودًا، فأظهِر لي نفسك. أود التعرف عليك”.

بضعة محادثات وخبرات “حاورتني” في ذلك الأسبوع. بينما كنت جالسة على متن القطار في إحدى الأمسيات، كنت أفكر في الأشياء التي سمعتها، فتحت “دليل الحج” وبالصدفة قرأت صفحة مقتطفات من اقوال القديس أوغسطينوس: “لقد صنعتنا لنفسك، يا رب، وقلوبنا لا تهدأ إلّا فيك”. في تلك اللحظة، شعرت بوعيٍ مفاجئ وغامر بحضور الله. تغيّرت مبادئي. علمت أن الله هو حقيقيّ، ومن تلك اللحظة تغيّر كل شيء.

بعد فترة وجيزة، غادر توماز إلى أوروبا وفجأةً كسبت اوقات فراغ. واستعملته لتنمية حياتي الروحيّة، فاستمعت إلى محاضرات عن “لاهوت الجسد”، وقرأت المزيد عن حياة القديسين وحضرت “حصص مقدّسة” أسبوعية. كانت الأشهر الستة التي امضاها توم بعيدًا عني فترة لاهتدائي الذاتي، وتتوجت هذه الفترة في دورة تدريبية لقادة الشبيبة لمدّة شهر. وخلال ذلك الوقت، عرفت أني إذا أردت الاستمرار في هذه الرحلة مع الله، يحب ان اتخلى عن الأشياء التي كانت تبعدني عنه، لكي أتبعه بكل إخلاص.

أسوء مسألة؟

خلال الفترة الذي كان فيها توماز في أوروبا، كنت اتساءل إذا كانت الأمور ستكون معنا حسب تصميمنا بعد عودته إلى الوطن. بدا توم عالق في عالم تركته ورائي، فأصبحَت قيمنا وأولوياتنا بعيدة مسافة أميال. دمت أُصلي من أجل هذه الأسباب ومن أجل توم. كي اساعده حاولت أن أزرع بعض الأفكار في ذهنه، وعندما خرجت خطط سفره عن تصميمها الاصلي، تمكنت من إقناعه بزيارة “لورد”، التي كانت تجربة قوية له – لكنه لم يكن مستعدًا لتغيير نمط حياته.

عند عودة توم من أوروبا، شعرت بضرورة ماسّة لحوار صريح معه. خرجنا لتناول العشاء حيث اخبرته عن بعض الأشياء التي حدثت في حياتي اثناء غيابه. أخبرته عن الأشياء التي أودّ تغييرها في علاقتنا. في الإجمال وافق على معظم النقاط التي ناقشناها، لكن عندما سألته أن يتوقف عن استخدام المواد الإباحية كان ردّه دون تردد “لا”.  صدمني جوابه. كنت اعتقد بأنه على الأقل قابل لمناقشة هذا الموضوع معي. أخبرني لاحقًا بأنه يعاني من الإدمان على المواد الإباحية، لكنه لم يكن يعلم بذلك في ذلك الوقت.

عندما زال الضباب

توضحت له الامور أكثر انني تغيّرت كلما نعيد تقييم تجاربنا خلال فترة البعد، وهذا الأمر خلق له نوع من القلق. وكانت ردت فعله قويّة وسلبيّة عندما اطلعته عن رغبتي بأن نصلي مسبحة الوردية مع عائلتي يوميّاً بعد الزواج. شجّعته بكلامي. أمّا عندما اطلعته عن تصوّري على الحياة العائليّة وعن تمنياتي لكيفيّة عيش حياتي، تراجع. ومنذ ذلك الوقت لم يبقى توم أهم شيء في حياتي، ولم يكن هذا الأمر سارا” لتوم.

شعرت بضرورة خروجي من هذه العلاقة، لذلك طلبت من الرب أن يعطني جوابا”. كنت أعلم أن الله يريدني أن انفصل عن توم، لكن هذا الأمر أصعب من الكلام، إذ أنّ علاقتنا كانت عميقة رغم الصعوبات. حاولت الافتراق عنه عدة مرات، لكن توم أراد مني كل شيء أو لا شيء. أحبه ولا أريده خارج حياتي. أخبرت الرب أنني لا أملك القوة الكافية لإنهاء هذه العلاقة بنفسي. لكن الطريقة الوحيدة لإنهائها هو كشف اقتراب ذنب كبير، لكنني أكيدة أن هذا غير ممكن.

الجهل التام

بعد فترة وجيزة، زارني توم. ومن الواضح أنه كان قلقاً، لكنه كسب شجاعة واعترف لي أنه كان يخونني. تحطمت عند سماعي لهذا الخبر. كيف يجوز لتوم خيانتي وأني أثق به تمامًا؟ كيف يقدر أن يكذب علي بشكل مقنع، دون أن يرفّ جفنه؟ كيف يمكنني أن أكون جاهلة تماماً؟

هذا الاكتشاف حثّني على التساؤل عن أشياء كثيرة اعتقدت أنني أعرفها. لم أكن أعتقد أن توم قادر على الخداع، إذ كنت اعتبر ان خبرتي بفهم الأشخاص هي سليمة للغاية. وبعد ذلك اكتشفت أنه كان معتادًا على الكذب، يتقنه منذ وقت طويل.

بالطبع، طردت توم فوراً. طالما كان لدي ميل للدراما، تلك الليلة جمعت أغراضه في صندوق واتصلت به كي يأخذها. عندما قابلته خارج منزلي، فقدت اعصابي نحوه. كنت غاضبة. لدهشتي، لم يحاول أن يشرح أو يدافع عن نفسه، بل سقط على الأرض وبكى.

احتضنه الله

كان من الصعب توضيح ما حدث في تلك اللحظة. عندما رأيت توم يبكي، تلاشى كل الغضب الذي بداخلي فوراً. وشعرت بالشفقة والحب ثم ركعت بجانبه واحتضنته. لا يمكنني أن أصف تلك اللحظة إلاّ بأنها لمحة من قلب الآب. وشعرت أن محبة الله ورحمته تدفقت من خلالي كما و شعرت أنني لست مختلفة عن توماز. في تلك اللحظة، وهبني الله قطرة من قلبه حيث احتضنني وغفر لي خيانته لي.

فيما بعد، وصف توماز هذه التجربة بالمثل، إذ شعر ان الله غمره في أحضانه الرحيمة والمُحبّة. وبطبعي انني لا اتخلى عن الأشياء بسرعة، اعتبرت ان نعمة مسامحة توماز اتت بشهامة، من الله طبعا”، وليست مني.

صلة النقاط

بالرغم من مسامحتي لتوم، علمنا أننا بحاجة إلى الانفصال. قال توم لاحقًا أن الفراق كان من أفضل الأشياء التي حدثت في حياته. كان الله يقود توم في رحلته الذاتيّة، وكان بحاجة إلى اختبار الحياة من دوني. على طريقه إلى لورد، منذ أشهر، اختبر ارشاد الله له. وواقعيّاً، قد قاده الله مباشرة إلى كرسي الاعتراف. عندما تسلط الضوء على عدة أشياء بحياة توم، حصل على النعمة كي يكون صادقًا معي.

بعد انفصالنا، بذل توماز جهدًا جهيدا” لتغيير مسار حياته. شارك بحصص مقدسة وبزيارات دوريّة لكاهن صديق لنا طالباً التوجيه، وأخيراً استطاع الاستماع إلى الأقراص المدمجة عن “لاهوت الجسد” التي كنت أشجعه لسماعها منذ عودته من أوروبا.

لم أكن أعرف سوى القليل

منذ ثلاث سنوات كنّا سويًا، انفصلنا وتفارقنا لمدة ثلاث سنوات اخرى، ثمّ جمعنا الله من جديد. حين اذن، تمكننا من بناء صداقة جديدة. كنت أكمل دراستي، وأتمتع بمهنة جديدة في مجال التسويق والاتصالات، كما كنت أميّز دعوتي اذ كنت اكيدة سوف أكون راهبة. كان توم يكسب عيشًا جيدًا كمستشار لإعادة التأهيل، لكنه أصبح قلقًا بشكل متزايد. أراد كلانا بجدية اكتشاف إرادة الله في حياتنا.

أتيحت لنا فرصة حضور اليوم العالمي للشبيبة سنة ٢٠١١ في مدريد، من خلال رحلات د حج منفصلة. ذهب كلانا بنيّة اكتشاف ما يريده الله منا بعد ذلك. كنت آمل أن ألتقي بالمؤسسة الرهبانيّة التي كان من المفترض أن أنضم إليها، وكان توم يستعد لتغيير وظيفته، لكنه لم يعرف اتّجاه مصيره بعد ذلك. في نهاية رحلة الحج، قرر توم التسجيل في دورة علم اللاهوت. أمّا أنا، فلم أنجح في الانضمام إلى مؤسسة رهبانيّة. عوضا” عن ذلك، زرت بولندا مع مجموعة الحج، وأثناء هذه الزيارة وجدت نفسي أفكر بتوم، وشعرت ان زيارتي لوطنه غير مناسبة بدونه.

بعد فترة وجيزة من عودتي، شعرت أنني بحاجة للصلاة من أجل إرادة الله فيما يخصّ علاقي مع توم، لذلك بدأت تساعيّة صلاة. في نفس اليوم، دعاني توم لمشاركته في تساعيّة الوردية لمدة أربعة وخمسين يومًا من أجل نيّة معينة – حيث نصلي ٢٧ يومًا من أجل هذه النية ٢٧ يومًا لتقديم الشكر. وافقت، لكنني أضفت سرّاً لنيتي الخاصّة وهي من أجل علاقتنا.

بعد سبعة وعشرين يومًا، شاركنا برياضة روحيّة للقادة. اما توم كان يساعد في إدارة الرياضة أثناء خدمتي في المطبخ. دخلت الى غرفة الاجتماعات للاستماع إلى حديثه، وقد أدهشني مدى نضوجه. اصبح توم فعلاً رجل الله. فكّرت بنفسي، ” يمكنني أن أثق بهذا الرجل”. اتضح لي لاحقاً أننا شاركنا الصلاة على النيّة ذاتها. عندما استعدنا صداقتنا، شعرت بسلام تام لأنها مشيئة الله – لذلك لم نخشى أي شيء.

مختصر قصة طويلة، تمّت خطوبتنا في عيد انتقال السيدة العذراء. أخبرني توم بأنه اختار هذا اليوم، ليس لأنه يحب السيدة العذراء وحسب، ولكن لأن هذا النهار يشير إلى الهدف النهائي للزواج وهو الجنة. تكللنا يوم سبت الفصح، أو عشيّة يوم أحد الرحمة الإلهية، وصلينا أن يشهد زواجنا على قوة رحمة الله المتغيرة. لقد اخذ الله الفوضى التي جعلناها في علاقتنا في المرة الأولى وجعل منها شيء جديد.

إنّ الزواج هو التزام ودعوة واتحاد. عندما تعهدنا على المذبح أن نحب بعضنا البعض، فإن عهدنا حتى يفرقنا الموت. وهذا المكان الحقيقي الذي نتعلم فيه الحب. لا يطلب منا الله أن نموت من أجل شركاء حياتنا، كما مات يسوع من أجلنا و من أجل كنيسته، لكنه يطلب منا أن نموِّت أنفسنا من خلال مسامحة بعضنا بطرق صغيرة كل يوم. يقوم الزواج على حب المغفرة. الله يسامحنا قبل أن نندم. قال لنا “أحببوا بعضكم بعضا” كما أحببتكم”. عندما نتمثّل به ونغفر بدون ضغينة، فإننا نشارك الحب الحقيقي في علاقة تتمحور في المسيح. بعلاقة تستمر إلى الأبد.

Share:

Sarah Juszczak

Sarah Juszczak ARTICLE is based on an interview with Sarah and Tomasz Juszczak in the Shalom World TV program, “Seventy times seven”. To watch the episode visit: https://www.shalomworld.org/episode/how-do-you-deal-with-unfaithfulness-in-your-life-sarah-juszczak

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles