Home/نصر الانجيل/Article

يونيو 30, 2024 112 0 Joy Byrne
نصر الانجيل

ظننتُ أن الموت هو الإجابة، ولكن…

لو لم أكن قد مررتُ بهذا الظلام، لما كنتُ حيث أنا اليوم.

أراد والديّ حقًا أن يؤسسا عائلة، ولكن أمّي لم تتمكن من الحمل إلاّ عندما بلغت الأربعين من عمرها. كنتُ طفلتهما المعجزة، ولدتُ في يوم عيد ميلادها، تحديدًا بعد سنة من اكمالها التساعية الخاصة لطلب طفل. لقد حصلتُ على أخٍ صغير بعد عام واحد.

كانت عائلتي كاثولكية ظاهريًا؛ كنا نذهب إلى قدّاس الأحد ونتلقى الأسرار، ولكن لم يكن هناك شيء أكثر من ذلك. عندما كنتُ تقريبًا في الحادية عشر أو الثانية عشر من عمري، ابتعد والديّ عن الكنيسة وتوقفت حياتي الإيمانيّة بشكل لا يُصدّق.

العذاب المُتدفق

كانت سنوات المُراهقة مُثقلة بالضغوطات، التي كنتُ أُثقل نفسي بالكثير منها. كنتُ أقارن نفسي بفتيات أخريات؛ لم أكن سعيدة من مظهري. لقد كنتُ شديدة الوعي الذاتي والقلق. على الرغم من تفوقي أكاديميًا، إلا أنني واجهت وقتًا عصيبًا في المدرسة لأنني كنت طموحةً للغاية. كنت أرغبُ في المضي قدمًا، وأُظهر للناس أنني يمكن أن أكون ناجحةً وذكيةً. لم يكن لدينا الكثير من المال كعائلة، لذلك اعتقدتُ أن الدراسة الجيدة والحصول على وظيفة جيدة سيحلُ المشكلة كلها.

لكن عوضًا عن ذلك، أصبحتُ أكثر حزنًا. كنتُ أذهبُ لممارسة الرياضة والاحتفالات، لكني كنتُ أستيقظُ في اليوم التالي وأشعرُ بالفراغ. كان لدي العدد القليل من الأصدقاء الجيدين، ولكن هم أيضًا كان لديهم صراعاتهم الخاصّة. أذكُرُ محاولتي في دعمهم وانتهى بي الأمر بالتساؤل عن سبب كل المعاناة من حولي. كنتُ تائهةً، وجعلني هذا الحزن أقتربُ وأنغلق على نفسي.

عندما كنتُ في الخامسة عشر من عمري، اعتدتُ على إيذاء نفسي؛ وكما أدركتُ لاحقًا، في تلك السن، لم يكن لدي النضج أو القدرة على التحدث عما كنتُ أشعر به. مع اشتداد الضغط، استسلمتُ للأفكار الانتحارية عدة مرات. أثناء إحدى حوادث العلاج في المستشفى، رآني أحد الأطباء وأنا أشعر بعذاب شديد وقال: “هل تؤمنين بالله؟ هل تؤمنين بشيء بعد الموت؟” اعتقدتُ أنه كان أغرب سؤال يمكن طرحهُ، لكن في تلك الليلة، تذكرتُ التفكير فيه. عندها صرختُ إلى الله طلبًا للمساعدة: “يا إلهي، إذا كنت موجودًا، من فضلك ساعدني. أريدُ أن أعيش، أود أن أقضي حياتي في فعل الخير، لكنني لست قادرةً حتى على حُبّ نفسي. مهما فعلت، كل شيء ينتهي بالإرهاق إذا لم يكن لدي معنى لكل ذلك.”

يد المساعدة

بدأتُ أتحدّث مع أمنا مريم، على أمل أن تتمكن من فهمي ومساعدتي. وبعد فترة وجيزة، دعتني صديقة والدتي للذهاب في رحلة حج إلى ميدوغوريي. لم أكن أرغب حقًا في ذلك، لكنني قبلتُ الدعوة، وذلك من باب الفضول أكثر لرؤية بلد جديد وطقس جميل.
محاطةً بأناس كانوا يصلّون المسبحة الورديّة، يصومون، يصعدون الجبال، ويذهبون إلى القدّاس، شعرتُ بأنني خارج المكان ولكن في الوقت نفسه، كنتُ أيضًا مسرورةً بعض الشيء. كان ذلك وقت مهرجان الشباب الكاثوليكي، وكان هناك حوالي ٦٠ ألف شخصًا في عمر الشباب هناك، يحضرون القداس ويقومون بالعبادة، ويصلّون الورديّة كل يوم؛ ليس لأنهم مجبرون على ذلك، بل بفرح، بدافع الرغبة الخالصة. كنتُ أتسائل إذا كان لدى هؤلاء الناس عائلات مثاليّة جعلت من السهل عليهم الإيمان والتصفيق والرقص وكل ذلك. والحق يُقال، لقد اشتقتُ إلى تلك السعادة!

أثناء قيامنا برحلة الحجّ، استمعنا إلى شهادات الفتيات والفتيان في جماعة سيناكولو القريبة، وقد غيّر ذلك الأمور حقًا بالنسبة لي. في عام ١٩٨٣، أَسَسَتْ راهبة إيطالية جماعة سيناكولو لمساعدة الشباب الذين اتخذت حياتهم منعطفًا خاطئًا. الآن، يمكن العثور على المنظمة في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم.

لقد استمعتُ إلى قصة فتاة من اسكتلندا كانت تُعاني من مشاكل المخدرات؛ لقد حاولت أيضًا الانتحار. قلتُ لنفسي: “إذا استطاعت أن تعيش هذا بسعادة، وإذا استطاعت الخروج من كل هذا الألم والمعاناة والإيمان الحقيقي بالله، فربما يكون هناك شيء ما في ذلك بالنسبة لي أيضًا.”

نعمة عظيمة أخرى حصلتُ عليها عندما كنتُ في ميدوغوريي هي أنني ذهبتُ للاعتراف لأول مرة منذُ عدّة سنوات. لم أكن أعرف ما أتوقعهُ، لكن الاعتراف ثم أخيرًا التحدث بصوت عالٍ أمام الله عن كل الأشياء التي آذتني، وكل ما فعلته لإيذاء الآخرين ونفسي، كان عبئًا هائلاً عن كتفي. لقد شعرتُ بالسلام، وشعرتُ بالنظافة الكافية لبدء بداية جديدة. لقد عدتُ متأثرةً وبدأتُ الدراسة الجامعية في إيرلندا، ولكن بدون الدّعم الكافي، انتهى بي الأمر في المستشفى مرة أخرى.

إيجاد الطريق

أدركتُ أنني بحاجة إلى المساعدة، فعدتُ إلى إيطاليا وأصبحتُ جزءًا من جماعة سيناكولو. لم يكن الأمرُ سهلاً. كان كل شيء جديدًا ؛ اللغة، والصلاة، والشخصيات المختلفة، والثقافات؛ ولكن كان هناك صِدِق فيه. لم يكن أحد يحاول إقناعي بأي شيء؛ كان الجميع يعيشون حياتهم في الصلاة والعمل والصداقة الحقيقية، وكان ذلك بمثابة شفاء لهم. لقد كانوا يعيشون السلام والفرح، ولم يكن ذلك مختلقًا بل حقيقيًا. لقد كنتُ معهم طوال اليوم، كل يوم، ورأيت ذلك. أردتُ ذلك!

ما ساعدني في ذلك اليوم هي العبادة. لا أعرف كم مرة بكيتُ للتو أمام القربان المقدس. لم يكن هناك معالج يتحدث معي، ولم يحاول أحد إعطائي أي دواء، بل شعرتُ وكأنني أخضعُ للتطهير. حتى في الجماعة، لم يكن هناك شيء خاص بشكل خاص، باستثناء الله.

الشيء الآخر الذي ساعدني حقًا في الخروج من اكتئابي هو أنني بدأتُ أتطلّع لخدمة الآخرين. وطالما ظللتُ أنظرُ إلى نفسي، وإلى جروحي ومشاكلي، كنتُ أحفر نفسي في حفرة أكبر. لقد أجبرتني الحياة الجماعية على الخروج من نفسي، والنظر إلى الآخرين، ومحاولة منحهم الأمل، وهو الأمل الذي كنتُ أجدهُ في المسيح. لقد ساعدني كثيرًا أن يأتي شباب آخرون إلى الجماعة، فتيات صغيرات يعانينَ من مشاكل مشابهة لمشاكلي أو حتى أسوأ منها في بعض الأحيان. لقد اعتنيتُ بهم وحاولتُ أن أكون أختًا أكبر سناً وأحيانًا أمًا.

بدأتُ أفكرُ فيما كانت ستختبره والدتي معي عندما كنت أؤذي نفسي أو عندما كنت غير سعيدة. غالبًا ما يكون هناك شعور معين بالعجز، ولكن بالإيمان، حتى عندما لا تتمكن من مساعدة شخص ما بكلماتك، يمكنك القيام بذلك على ركبتيك. لقد رأيتُ التغيير في الكثير من الفتيات وفي حياتي الخاصة من الصلاة. إنه ليس شيئًا غامضًا أو شيئًا يمكنني تفسيره لاهوتيًا، لكن الإخلاص للمسبحة الوردية والصلاة والأسرار المقدسة قد غير حياتي والكثير من الحيوات الأخرى، وأعطانا إرادة جديدة للحياة.

سردها

عدتُ إلى إيرلندا لمتابعة مهنة التمريض؛ في الواقع، أكثر من مجرد مهنة، شعرتُ بعمق أن هذه هي الطريقة التي أردتُ أن أقضي بها حياتي. إنني أعيش اليوم مع ناس في عمر الشباب، البعض منهم مثلي حين كنتُ في مثل عمرهم؛ يُعانون من إيذاء النفس، الاكتئاب، القلق، تعاطي المخدرات، أو النجاسة. أشعرُ أنه من المهم أن أخبرهم ماذا فعل الله في حياتي، لذا أحيانًا أثناء وقت الغداء، أخبرهم حقًا أنني غير قادرة على القيام بهذا المهمة، وانظرُ إلى كل المعاناة والألم إذا لم أصدق ذلك أنه كان شيئًا أكثر في الحياة من مجرد الموت بعد المرض. كثيرًا ما يقول لي الناس: “يا إلهي، اسمك جوي، إنه يناسبك كثيرًا؛ أنت سعيدة للغاية ومبتسمة”. أضحكُ من داخلي: “لو كنتم تعرفون فقط من أين جاء ذلك!”

فرحي هو الذي نشأ من المعاناة؛ ولهذا السبب هو فرح حقيقي. ويستمر حتى عندما يكون هناك ألم. وأريدُ أن يتمتع الشباب بنفس الفرح، لأنهُ ليس فرحًا خاصًا بي فقط، ولكنه فرح يأتي من الله، بحيثُ يمكن للجميع أيضًا أن يختبروه. أريدُ فقط أن أكون قادرةً على مشاركة فرح الله اللامتناهي هذا حتى يتمكن الآخرون من معرفة أنه يمكنك المرور بالألم والبؤس والصعوبات وما زلت تخرجُ منها، ممتنًا وفرحًا لأبينا.

Share:

Joy Byrne

Joy Byrne lives in Dublin, Ireland, and is currently pursuing a degree in nursing. Article is based on the interview given by Joy on the Shalom World program “Jesus My Savior.” To watch the episode, visit: shalomworld.org/episode/do-you-believe-in-god-joy-byrne

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles