Home/استمتع/Article

سبتمبر 04, 2024 13 0 Fiona McKenna, Australia
استمتع

سلامٌ من حُطام

روما، كاتدرائية القديس بطرس، لقاء البابا…هل يمكن أن تكون الحياة مليئة بأحداث أكثر؟ اكتشفتُ أنه يمكن أن تكون.

حدث تحوّلي إلى الإيمان الكاثوليكي خلال رحلتي إلى روما، حيثُ كنتُ محظوظةً للدراسة لجزءٍ من شهادتي. نظّمت الجامعة الكاثوليكية التي انضممتُ لها عدة لقاءات مع البابا فرانسيس كجزء من الرحلة. في إحدى الليالي، كنتُ جالسةً في كاتدرائية القديس بطرس، أستمع إلى المسبحة الوردية التي تُتلى باللاتينية عبر مكبر الصوت بينما كنتُ أنتظرُ بدء خدمة القداس. على الرغم من أنني لم أفهم اللاتينية في ذلك الوقت، ولا أعرف ما هي المسبحة، إلا أنني تعرّفتُ بطريقةٍ ما على الصلاة. لقد كانت لحظة تعميد باطني دفعتني في النهاية إلى أن أوكل حياتي كلها إلى يسوع من خلال شفاعة مريم. بدأت رحلة التحول هذه التي بلغت ذروتها في معموديتي في الكنيسة الكاثوليكية بعد عام، وقصّة الحب التي تلت ذلك بعد فترة وجيزة.

اكتشاف اللّحظات

لقد وجدتُ نفسي ببطء أبني أُسس علاقتي وأقوم بالاِحتِذَاء بمريم في هذه العملية دون وعي. ركعتُ عند قدميه في الصلاة كما فعلت مريم في الجُلجُلة، أسعى لتعميق علاقتي بالمسيح. أواصل هذه الممارسة اليوم، وأنا أدرس وجهه وجروحه وضعفه ومعاناته. والأكثر أهميّة، هو أنني ألتقي به كل يوم لمواساته لأنني لا أستطيع تحمّل فكرة كونه وحيدًا على الصليب. من خلال التأمل في آلامه، أجد أنني أستطيع أن أُقدّر بعمق أهمية المسيح الحيّ، الذي يعيش فينا اليوم.

عندما كرّستُ نفسي لهذه الممارسة، شعرتُ أن يسوع ينتظرني في صلواتي اليومية، ويتوق إلى إخلاصي، ويسعى إلى رفقتي. كلما حملتهُ في صلاة صامتة، كلما بدأتُ أشعرُ بحزن عميق وأسى على الثمن الذي دفعه يسوع لحياتي وحياة الآخرين. لقد ذرفتُ الدموع من أجله. لقد سجنتهُ في قلبي وواسيته من خلال الصلاة، مما يعكس رعاية مريم الرقيقة لابنها. إن إدراك المحبة المضحيّة التي قادت يسوع إلى الصليب أثارت مشاعر أمومية عميقة بداخلي، مما أجبرني على تسليم كل شيء له. بفضل نعمة السيدة العذراء، قدّمتُ نفسي تمامًا ليسوع، وسمحتُ له بتحويلي بينما ازدهرت علاقتنا.

التضحية

عندما عانيت من خسارة كبيرة قبل عامين، واصلت هذه الممارسة اليومية، على الرغم من أن تركيز حزني قد تحول. الدموع التي أذرفها لم تعد له بل لنفسي. لم أكن أستطيع أن أفعل شيئًا سوى السقوط عند قدميّ ربنا في محنتي ويأسي المطلقتين، على الرغم من أنني شعرت بالأنانية. عندها أظهر لي الله كيف يمكن مشاركة المعاناة الفدائية ليس فقط من خلال مشاهدة تضحيته في الصلاة، ولكن من خلال الدخول في آلامه.
فجأةً، لم تعد معاناته خارجية بالنسبة لي، بل كانت شيئًا حميميًا لدرجة أنني أصبحتُ شخصًا واحدًا مع المسيح على الصليب. لم أعد وحدي في معاناتي. في المقابل، كان هو الذي حملني في صلاة صامتة، هو الذي حزن عليّ وشارك حزني. لقد ذرف الدّموع من أجلي وفتح قلبه حيث التجأت وأصبحتُ سجينةً له. كنت أسيرةً في حبه.

السير على الطريق الصعب 

إن الاِحتِذَاء بمريم يقودنا مباشرةً إلى قلب يسوع، يعلمنا جوهر التوبة الحقيقية والرحمة اللامحدودة التي تنبع من محبته. قد تكون هذه الرحلة صعبة، وتتطلب منا المشاركة في أعباء صليب المسيح. ومع ذلك، من خلال تجاربنا وأحزاننا، يمكننا أن نجد العزاء في حضوره المريح، مع العلم أنه لا يتخلى عنا أبدًا. باتباع مثال مريم، ندعوها لإرشادنا في تعميق علاقتنا مع يسوع، ربنا ومخلصنا، والمشاركة في معاناته الفدائية. من خلال القيام بذلك، نصبح شهداء أحياء لآلام ومعاناة أولئك الذين لم يلتقوا بالمسيح بعد، وفي نفس العملية، نُشفى نحن أنفسنا.

عندما نقتضي بمحبة مريم الأمومية لابنها، فإننا نقترب من جوهر آلامه ونصبح أوعية لنعمته الشافية. من خلال تقديم آلامنا الخاصة بالاتحاد مع المسيح، نُصبح شهودًا أحياء لمحبته ورحمته، ونجلب العزاء لأولئك الذين لم يقابلوه بعد. في هذه العملية المقدسة، نجد الشفاء لأنفسنا ونصبح أدوات لرحمة الله، وننشر نوره إلى المحتاجين. وبالمثل، نتعلم تقبّل الصلبان في حياتنا بشجاعة، مع العلم أنها مسارات لاتحاد أعمق مع المسيح.
من خلال شفاعة مريم، نسترشد نحو فهم عميق للمحبة المضحيّة التي دفعت يسوع إلى بذل حياته من أجلنا. بينما نسير في طريق التلمذة، نسير على خطى مريم، نحن مدعوون لتقديم آلامنا ونضالاتنا ليسوع، واثقين في قوته التحويلية لتحقيق الشفاء والفداء في حياتنا.

Share:

Fiona McKenna

Fiona McKenna تقيم في كانبيرا، أستراليا، حيث تعمل كرئيسة الليتورجيا في مجلس الرعيّة الرعوي، ومنسقة الأسرار، ورئيسة جوقة ترتيل في رعيتها. أكملت تدريبية لمدة عامين في مجال الخدمة الكاثوليكية مع مدرسة إنكلونتر سكوول أوف منستري، وتسعى للحصول على درجة الماجستير في الدراسات اللاهوتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles