Home/يواجه .. ينجز/Article

سبتمبر 11, 2024 21 0 دونا ماري كلاين , USA
يواجه .. ينجز

لحظات التّجلي

من السهل أن ننشغل بما هو عادي ونفقد الرؤية للهدف. تذكرنا دونا لماذا يجب أن نتمسك.

كنتُ أعتقد أنه إذا قمت بالتزام روحي جاد وشرعتُ في طريق واضح نحو القداسة، فسيكون كل يوم مليئًا باللحظات المقدسة، وكل شيء واجهته،”حتى الشدائد تُحسب كلها فرحًا.” (يعقوب ١: ٢) لكن الحياة الرّوحية، في الواقع، الحياة بشكل عام، ليست كذلك تمامًا.

كنتُ أعتقد أنه إذا قمت بالتزام روحي جاد وشرعتُ في طريق واضح نحو القداسة، فسيكون كل يوم مليئًا باللحظات المقدسة، وكل شيء واجهته،”حتى الشدائد تُحسب كلها فرحًا.” (يعقوب ١: ٢) لكن الحياة الرّوحية، في الواقع، الحياة بشكل عام، ليست كذلك تمامًا.

منذ حوالي عشر سنوات، أصبحتُ مكرّسةً للقديس بنديكتوس. في بداية حياتي النذريّة، ومع تعمق حياتي الصلاتية، أصبحت خدماتي أكثر إثمارًا، بدت إمكانيات الكمال المسيحي بلا نهاية.

لكن إغراء الحكم على الآخرين بشكل غير مواتٍ من خلال المقارنة بدأ يضايقني. عندما رفض أفراد الأسرة صراحة بعض التعاليم الأساسية للكنيسة الكاثوليكية بشكل صريح، شعرتُ بالرفض بالتبعية. عندما شكك أحد زملائي المكرّسين في شهادتي العلنية لدعم قدسية الحياة؛ ألم أكن أعلم أن القلوب والعقول لم تتغير أبدًا إلا من خلال الحُبّ غير المشروط، وليس النقد المبطن؟؛ شعرتُ وكأنني فريسي يحمل لافتتي.

النيازك المقدسة…

وللأسف، بينما لم أشكّ أبدًا في قراري بأن أصبح مكرّسةً، إن إدراك عدم أهليتي الأساسية قلّص من معنوياتي. كم كنت أتوق إلى إعادة اكتشاف هذا الإحساس القوي بالحرية الداخلية والنشاط البهيج، الناشئ عن الاعتقاد بأن إيماني الكاثوليكي ، الذي أعيشه تحت إرشاد قاعدة القديس بنديكتوس، قادر على تحريك الجبال. ومن المفارقات أن حكمة أحد معلمي القرن ٢٠ ساعدتني في العثور على الطريق من خلال الإشارة إلى التوجيه الذي تم اختباره عبر الزمن: “تذكري لماذا بدأتِ!”

في كتاب “موريل غراندور أند سبيريتويل أوداسيتي” (العظمة الأخلاقية والجرأة الروحية)، يقترح الكاهن اليهودي أبراهام جيه هيسشيل أن الإيمان ليس حالة ثابتة من الاعتقاد المتحمس، بل هو الولاء للحظات التي كان لدينا فيها مثل هذا الإيمان القوي. في الواقع، “أعتقد” يعني “أتذكر.”

تشبيه اللحظات المقدسة بـ ” النيازك” التي تشتعل بسرعة ثم تختفي عن الأنظار، ومع ذلك ” تُشعل ضوءًا لن ينطفئ أبدًا “، يحثّ هيشل المؤمنين ” على حماية الصدى الذي انفجر ذات يوم في أعماق روحك إلى الأبد”. يمكن لمعظمنا أن يتذكر تجربة “النجوم المتساقطة” هذه في لحظات مهمة في حياتنا الإيمانيّة، عندما شعرنا بالارتفاع والازدهار، وتأثرنا بمجد الله.

لحظاتي مع النجم المتساقط

١. حدثت أول ذكرى لي في سن السابعة عندما رأيتُ تمثال بيتا لمايكل أنجلو في معرض نيويورك العالمي. على الرغم من أنني قمتُ بمناولتي الأولى المقدّسة في وقت سابق من ذلك العام، إلا أن جمال النحت الرخامي الأبيض للسيدة العذراء المباركة مع جسد يسوع الميت في حضنها، له خلفية سماوية من اللون الأزرق الداكن، جعلني أُدرك مدى تضحيته وتضحية مريم؛ وحبّه العميق لي أكثر من أي وقت مضى عندما كنتُ أقرأُ التعليم المسيحي. في المرّة التالية التي تلقيتُ فيها يسوع في القربان المقدس، فعلتُ ذلك بتفهم وتوقير أكبر. فعلتُ ذلك بفهم واحترام أكبر.

٢. حدثت لحظة تحويليّة أخرى في صفّ الرقص في قاعة الرقص! إن المسيح، بعد كل شيء، هو سيد الرقص في الترنيمة التي تحمل نفس الاسم (لورد أوف ذا دانس). في كتابات الراهب الكاثوليكي توماس ميرتون، فإن الله هو “الراقص” الذي يدعو كل واحد منا للانضمام إليه في “رقصة كونية” لتحقيق الاتحاد الحقيقي.(ذا مودرن سبيريتواليتي سيريز)(سلسلة الروحانية الحديثة). عندما شاركني المدرّب لشرح الفوكستروت، مازحتُ بعصبية أن لدي قدمين أيسرين، إلا أنه قال ببساطة: “اتبعيني”. بعد تعثري الأول، سحبني على الفور حتى لا يكون لدي مجال للتعثر. في الدقائق القليلة التالية، بينما كنت أنزلق دون عناء في جميع أنحاء الغرفة في أعقابه، أتأرجح وأتمايل على أنغام أغنية فرانك سيناترا فلاي مي تو ذا مون، كنتُ أعلمُ ضمنيًا كيف سيكون الأمر إذا كنتُ متوافقًا مع إرادة الله؛ إنه أمرٌ مُبهج!

لقد كانت للمسيح لحظاته أيضًا!

في الكتاب المقدس، يخلق الله بوضوح لحظات من التسامي لتقوية إيماننا في أوقات التجربة؛ إن تجلي الرّب هو مثال رئيسي. إن ذكرى المسيح التي تجلّت في كل مجده المبهر قدمت بالتأكيد للتلاميذ تباينًا ضروريًا مع الرعب والعار لموته المخزي على الصليب. كما أنها تمنحنا رؤية متفائلة لمجدنا المستقبلي “مهما كان الأمر”. لا شك أن ذكرى كلمات أبيه: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا!” (متى ۱٧: ٥) دعمتْ وعزّتْ يسوع البشري من جثسيماني إلى الجُلجُلة.

في الواقع، إن “الذكرى” تشكل موضوعًا بارزًا في قصة آلام المسيح. عندما أسس يسوع القربان المقدس في العشاء الأخير، أسس التذكار الأكثر أهمية في كل العصور والأبدية؛ الذبيحة المقدسة في القداس. عندما وعد يسوع على الصليب أن يتذكر في الفردوس، اللص الصالح الذي أثبت صدّقه على الأرض، تنفس العالم الصعداء. هذا هو السّبب في أن تذكير القديس بنديكتوس بأن “لا يأس أبدًا من رحمة الله” هو الأداة الروحية الأخيرة والأكثر جوهرية لقاعدته. على الرغم من أننا، مثل اللص الصالح، نعرف أن أنفسنا معيبون بشدة، لا نزال بإمكاننا أن نكون واثقين من أن المسيح سوف يتذكرنا لأننا نتذكره؛ وبعبارة أخرى، نحن نؤمن!

لأن لا وجود لحياة مثالية على الأرض. ومع ذلك، هناك لحظات مثالية ومتوهجة، وسط لحظات عادية – غالبًا ما تكون صعبة – تنير طريقنا، و”تدفع” خطواتنا إلى الجنة، حيث “سنلعب بين النجوم”.

حتى ذلك الحين، دعونا نحب في ذكرى له!

Share:

دونا ماري كلاين

دونا ماري كلاين هي كاتبة مستقلّة ومكرّسة للقديس بنديكت في سانت أنسيلم أبي، واشنطن العاصمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles