Home/نصر الانجيل/Article

يوليو 04, 2024 81 0 Mishael Devassy
نصر الانجيل

الجنة ليست بعيدة

هل أنت سريع الحكم على الآخرين؟ هل أنت مُتردد في مساعدة شخص محتاج؟ إذًا، حان الوقت للتفكير!

كان مجرد يوم آخر بالنسبة لي. عائدتاً من السوق، مُتعبتاً من يوم العمل، أجلبُ “روفوس” من مدرسة الكنيس…

ومع ذلك، شعرتُ بشيء مختلف في ذلك اليوم. كانت الرياح تهمس في أذنيّ، وحتى السماء كانت أكثر تعبيرًا من المعتاد. وأكّدت لي الضّجة من الحَشِد في الشوارع أن شيئًا ما سيتغير اليوم.

ثم رأيتهُ؛ كان جسدهُ مشوه لدرجة أنني أَبعدتُ “روفوس” عن هذا المشهد المخيف. أمسكَ الصبي المسكين بذراعيَ بكل قوته؛ كان مرعوبًا.

الطريقة التي تم بها التعامل مع هذا الرَجُل، حسنًا، ما تبقى منهُ، يجب أن تعني أنهُ فعل شيئًا فظيعًا.

لم أستطع تحَمُّل الوقوف والمشاهدة، لكن عندما بدأتُ في المغادرة، أمسكَ بي جندي روماني. ومما أثار رعبي أنهم أمروني أن أساعد هذا الرجل على تحمّل حمله الثقيل. كنتُ أعرف أن هذا يعني مشكلة. على الرغم من المقاومة، طلبوا مني مساعدتهُ.

يا لها من فوضى! لم أكن أريد أن أحتكّ بشخص خاطئ. كم هو مهين! أن أحمل صليبًا بينما الكل يشاهد؟

كنتُ أعلم أنه لا مفر من ذلك، لذلك طلبتُ من جارتي “فانيسا” أن تأخذ “روفوس” إلى المنزل لأن هذه المحاكمة قد تستغرقُ بعض الوقت.

مشيت نحوهُ؛ قذر، ودموي، ومشوه.  وتساءلتُ عما فعلهُ ليستحق هذا. مهما كان الأمر، كانت هذه العقوبة قاسية للغاية.

كان المارّة يصرخون “مُجدف”، “كاذب”، و”ملك اليهود”، بينما كان آخرون يبصقون عليه ويسيئون معاملته.

لم أتعرض أبدًا للإذلال والتعذيب العقلي مثل هذا من قبل. بعد أن مشى حوالي عشر إلى خمس عشرة خطوة، سقط على الأرض، على وجهه أولاً. ولكي تنتهي هذه المحاكمة، كان بحاجة إلى النهوض، لذلك انحنيتُ لمساعدتهِ.

ثمّ، رأيتُ في عينيه شيء غيّرني. رأيتُ الرحمة والحبّ؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟

لا خوف ولا غضب ولا كراهية، فقط الحب والتعاطف. لقد دُهشت، عندما نظرَ إليَّ بتلك العيون وأمسكَ بيديَ للوقوف مرة أخرى. لم أعُد أستطيع سماع أو رؤية الأشخاص من حولي. وبينما كنت أحملُ الصليب على كتفي وهو على كتفي الأخرى، لم أستطع إلا أن أستمر في النظر إليه. رأيتُ الدم، والجروح، والبصاق، والتراب، وكل شيء لم يعد قادرًا على إخفاء ألوهية وجهه. الآن لم أعد أسمع سوى دقات قلبه وتنفسه المتقطع… كان يكافح، لكنه قوي جدًا جدًا.

وسط كل ضجيج الناس الذين كانوا يصرخون، ويشتمون، ويهرعون، شعرتُ كما لو كان يتحدث معي. كل شيء آخر كنت قد فعلته حتى تلك النقطة، جيد أو سيئ، بدا بلا معنى.

عندما سحبه الجنود الرومان مني لجرّه إلى مكان الصّلب، دفعوني جانبًا فسقطتُ على الأرض. وكان يجب عليه أن يُكمل بمفرده. استلقيتُ هناك على الأرض بينما كان الناس يدوسون فوقي. لم أكن أعرف ماذا أفعل بعد ذلك. كل ما أعرفه هو أن الحياة لن تعود كما كانت مرة أخرى.

لم يعد بإمكاني سماع الحشد ولكن فقط الصّمت وصوت قلبي ينبض. تذكرتُ صوت قلبه الحنون.

وبعد بضع ساعات، عندما كنت على وشك النهوض للمغادرة، بدأتْ السماء المعبّرة من وقت سابق، في الكلام. واهتزّت الأرض تحتي! نظرت إلى الأمام في الجزء العلوي من الجُلجُلة ورأيته، يدان ممتدّة ورأس مُنحني، لأجلي.
أعلم الآن أن الدم المتناثر على ثوبي في ذلك اليوم ينتمي إلى حمل الله، الحامل خطايا العالم. لقد طهرني بدمه.

*** *** ***
هكذا أتخيل سمعان القيرواني يتذكر تجربته في اليوم الذي طُلب منه فيه مساعدة يسوع في حمل الصليب إلى الجُلجُلة. ربما كان قد سمع القليل جدًا عن يسوع حتى ذلك اليوم، لكنني متأكدة جدًا من أنه لم يكن نفس الشخص بعد أن ساعد المخلّص في حمل هذا الصليب.

في زمن الصوم هذا، يطلب منا سمعان أن ننظر إلى أنفسنا:

هل تسرّعنا جدًا في الحكم على الناس؟

بعض الأحيان، إننا متسرعون جدًا في تصديق ما تُخبرنا به غرائزنا عن شخصٍ ما. تمامًا مثل سمعان، قد ندع أحكامنا تأتي في طريق مساعدتنا للآخرين رأى سمعان يسوع يُجلد، واعتقد أنه فعل شيئًا خاطئًا. ربما كانت هناك أوقات ندع فيها افتراضاتنا بشأن شخص ما تقف في طريق محبتنا له كما دعانا المسيح.

هل نحن مترددون في مساعدة بعض الناس؟

ألا ينبغي أن نرى يسوع في الآخرين والوصول لمساعدتهم؟

يطلب منا يسوع أن نحبّ ليس فقط أصدقائنا بل أيضًا الغرباء والأعداء. أظهرتْ لنا الأمّ تيريزا، كونها المثال المثالي لمحبة الغرباء، كيف نرى وجه يسوع في الجميع. من الأفضل أن نشير إليه كمثال لمحبّة الأعداء أكثر من يسوع المسيح؟ كان يحب الذين يبغضونه، ويُصلي لأجل الذين يضطهدونه. مِثلَ سمعان، قد نشعر بالتردد في الوصول إلى الغرباء أو الأعداء، لكن المسيح يدعونا إلى حبّ إخواننا وأخواتنا تمامًا كما فعل. لقد مات من أجل خطاياهم بقدر ما مات من أجل خطاياك.

يا ربِّ يسوع، أشكركَ على إعطائنا مثال سمعان القيرواني، الذي أصبحَ شاهدًا عظيما لاتباع طريقك. أيها الآب السماوي، امنحنا النعمة لنصبح شهودًا لك من خلال الوصول إلى المحتاجين.

Share:

Mishael Devassy

Mishael Devassy is a secondary school teacher and an active youth leader in the Diocese of Perth in Western Australia. She actively ministers to young people and is passionate about faith formation in teens.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Latest Articles